الاثنين، 1 أغسطس 2016

هذا هو الطريق"


الشيخ/علي الطنطاوي
قصة واقعية رائعة، يرويها "الشيخ علي الطنطاوي" في جزء من مقال عنوانها "هذا هو الطريق"
حدّثني رجل مسنّ من أهل القرية (وكان شاهد عيان لما كان) قال: وكان في القرية شيخ صالح متّصل القلب بالله، وكان معتزلاً في مسجده يرقب الحوادث، فلما رآهم قد عزموا على التسليم قال لهم: هل بَقِيت لكم قوة تلجؤون إليها أو حيلة تحتالون بها؟ قالوا: لا.
قال: فاستمعوا مني إذن أدلّكم على طريق النجاة؛ اخرجوا جميعاً إلى ساحة القرية، ولا يَبْقَ في بيته أحدٌ، لا طفل ولا امرأة ولا عجوز ولا مريض، وأخرجوا ما عندكم من المواشي والأنعام. ثم افصلوا الأولاد عن الأمهات والإخوة عن الأخوات، وقفوا كلَّ ناس على حدة، وافصلوا كذلك الأنعام والمواشي.
ففعلوا، وعلا بكاء الأطفال وثُغاء الماشية. قال: أحضروا الآن قلوبكم وأخلوها من أمور الدنيا كلها، وتوبوا إلى الله توبة صادقة نصوحاً.
ففعلوا. قال: عُجّوا الآن إلى الله عَجَّةً واحدة، وقولوا من أعماق قلوبكم: يا الله!
ففعلوا. قال: افتحوا الأبواب وكبّروا واخرجوا إليهم.
فنادوا: "الله أكبر" بصوت ارتجّت له الأرض، وخرجوا وليس في قلوبهم إلا عظمة الله والإيمان به، قد هانت عليهم الدنيا وصغرت في عيونهم جيوش العدو وأساطيله حتى رأوها في جنب الله كلا شيء، وهجموا على العدو.
يا سادة، لمّا هجموا بهذه القلوب وهذا الإيمان وقعت الأعجوبة؛ شُدِه العدوّ وقطع الرّعبُ أفئدةَ أبطاله، فلم يستطع أحد منهم أن يقف في وجه هذه السيل الأتِيّ الفوّار، وانهزموا لا يلوون على شيء حتى نزلوا البحر، وغلب العددُ القليل هذا الجيشَ العظيم، وانتصروا.
(سلوكهم ذكرني بصلاة الاستسقاء، وكم نحن بحاجة للجوء إلى الله وليتنا نفعل كما فعلوا... "عابدة المؤيد العظم")

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق