روى البخاري عن أبي جُحَيْفة قال: آخى النَّبيُّ ﷺ بين سلمان وأبي الدَّرداء، فزار سلمان أبا الدَّرداء، فرأى أمَّ الدَّرداء متبذِّلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدَّرداء ليس له حاجة في الدُّنيا، فجاء أبو الدَّرداء، فصنع له طعامًا، فقال: كُلْ، قال: فإنِّي صائم، قال: ما أنا بآكل حتَّى تأكل، قال: فأكل، فلمَّا كان اللَّيل ذهب أبو الدَّرداء يقوم، قال: نم فنام، ثمَّ ذهب يقوم، فقال: نم، فلمَّا كان من آخر اللَّيل، قال سلمان: قم الآن، فصلَّيا، فقال له سلمان:"إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كلَّ ذي حقٍّ حقَّه".
فأتى النَّبيَّ ﷺ فذكر ذلك له، فقال النَّبيُّ ﷺ: (صدق سلمان).
التوازن:
- هو سر جمال هذه الشريعة، وسر بقائها وسبب صلاحها لكل زمان ومكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، توازن في علاقة الإنسان بربه، وعلاقته بنفسه، وعلاقته بالناس، وعلاقته بالمخلوقات حوله.
- وهو سر نجاح الإنسان وسعادته في هذه الحياة، فلا يزال الإنسان سعيدا ما دام يوازن بين أمور حياته وجوانبها المختلفة، فإذا مال إلى جانب كان ذلك ولابد على حساب جانب آخر، فيحدث الخلل والاضطراب، فالإفراط في جهة لابد وأن يقابله تفريط في جهة أخرى.
- وهو الخط الفاصل بين الإفراط والتفريط، ويشمل كل جوانب الحياة، توازن بين الحقوق والواجبات، بين الروح والبدن، وبين العمل للدنيا والعمل للآخرة، بين العلم وبين العمل، بين مصالحنا ومصالح الآخرين.
- والتوازن يضبط للإنسان فضائله ويحفظها من أن تتحول إلى رذائل:
فهو كريم كرما لا يصل إلى حد التبذير.
شجاع شجاعة لا تصل إلى حد التهور.
جريء جرأة لا تبلغ به حد الوقاحة.
حذر لكنه حذر لا يصل إلى الخور والخوف والجبن.
متوكل على الله توكلا لا يصل إلى حد الإهمال والدروشة والتواكل وترك الأسباب.
مقبل على الآخرة إقبالا لا ينسيه الدنيا ولا يمنعه عن طلب رزقه وتحسين أوضاعه المعيشية.
{وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك}
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق