▪️كان أبو ذر رضي الله عنه من العشر الأوائل للإسلام، وأول شيء يلفت النظر في قصته هو رحلته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلب الحق والهدى، فهذه الرحلة في طلب الحق هي سُنة الأنبياء والصالحين ومن تبعوهم بإحسان في هذا الأمر.
▪️فعندنا مثلا أول رحلة لإنسان هو آدم عليه السلام، لما خلقه الله تبارك وتعالى قال له اذهب إلى هؤلاء الملائكة فاسمعهم ما يقولون لك فإنها تحيتك وتحية بنيك إلى يوم القيامة، فذهب إليهم -يعني هذا يُفهم منه أنه انتقل من مكانه إلى مكان آخر ليحييهم فكأنها رحلة، وطبعا ليست رحلة كرحلة موسى عليه السلام إلى الخضر في طلب ثلاث مسائل أيضا، ولا كرحلة الذين تبعوهم و جابوا بلاد الإسلام شرقا وغربا في طلب الحق والهدى لكن تحرك من مكان إلى مكان فكأن هذا الأمر يشي بالرحلة في طلب الحق، فذهب فسلم عليهم السلام عليكم ورحمة الله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فهذه هي تحيتنا إلى الآن، تحية بني آدم إلى قيام الساعة، وكان يمكن أن تأتي إليه الملائكة لكن الله عز وجل قال له اذهب إلى هؤلاء تعظيم للحركة في طلب العلم.
▪️ثم رأينا موسى عليه السلام، أي في رحلته إلى الخضر، الإمام البخاري ذكر هذه القصة ثلاثة عشر مرة في كتابه منها ثلاثة مواضع في كتاب العلم، أول موضع فيه باب ذهاب موسى إلى الخضر و ركوب البحر، وطبعا لا شك عند كل العلماء أن موسى أفضل من الخضر، فموسى عليه السلام أحد أولي العزم من الرسل وهو أكثر الأنبياء قصته دورانا في القرآن، دورانا في القرآن، حيث ذهب إلى جبار عنيد قال أنا ربكم الأعلى.
👈 فموسي ذهب إلى الخضر يتعلم، والحافظ ابن حجر وهو يتكلم عن هذه القصة قال هذا معناه أن المرء إذا بلغ الدرجة العليا من السيادة لم يمنعه ذلك أن يستزيد يعني حتى يسد النقص الذي عنده، لأن موسى عليه السلام لما خطب في ملأ من بني إسرائيل ورقت القلوب وذرفت العيون تبعه رجل فقال: يا كليم الله أتعلم أحدا هو في الارض أعلم منك؟ قال لا، فعتب الله عز وجل على موسى أنه لم يرد العلم إليه، كان ينبغي أن يقول الله أعلم وإن كان موسى عليه السلام هو نبي الزمان ولا يُتصور أن يكون هناك إنسان فوقه في العلم لذلك قال موسى عليه السلام ما قال، لأن هذا ما غلب على ظنه عليه السلام، فعتب الله عز وجل عليه أنه لم يرد العلم إليه فقال :بلى إن لنا عبدا اسمه خضر في مجمع البحرين.
👈وكانت قصةً ربما نقف على فوائدها الحقيقة، يعني لما قال البخاري "باب ذهاب موسى في البحر إلى الخضر"، طبعا البحر عند العرب كان مهيبا مرعبا لدرجة أنه في الأزمان المتأخرة أتى رجل أبا العباس المبرد إمام اللغة يقول له أريد أن أقرأ عليك كتاب سيبويه، فقال له استعظاما لما طلب أي بني هل ركبت البحر؟ يعني إذا دخلت في كتاب سيبويه كأنما ركبت البحر، يعني لا منجى من الله إلا إليه، لأن البحر ظلمات، فيقول الحافظ ابن حجر أن موسى عليه السلام بلغ من السيادة المقام الأعلى ولم يمنعه هذا أن يذهب إلى الخضر ويتحمل هذه المشاق في طلبه لتعلم الثلاثة مسائل.
▪️ الحقيقة هذا أمر إذا التفت إليه طالب العلم الذي يرحل إلى طلب العلم خلفه، وجد سلفه الأنبياء، ووجد سلفه أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، البخاري رحمة الله عليه روى معلقا في صحيحه ووصله في كتاب الأدب المفرد أن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما علم أن رجلا في مصر عنده حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلمه قال جابر فابتعت بعيرا فسرت عليه شهرا كاملا حتى أتيت مصر - من المدينة- حتى أتيت مصر فإذا عبد الله بن أُنيس رضي الله عنه، قال: فقال للغلام: قل له جابر، فقال جابر بالباب، قال: ابن عبد الله؟ قال: نعم، فخرج فاعتنقه حتى البخاري يعني أورده في الأدب المفرد قال باب المعانقة، واحتجّ بهذا الحديث على جواز أن يعانق الرجل أخاه إذا لقيه ولا سيّما إذا جاء من سفر أو نحو ذلك فقال له علمت أن عندك حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمعه فخشيت أن أموت أنا أو تموت أنت ولا أسمعه منك، فقال له: نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وذكر الحديث
👈 يعني جابر بن عبدالله لأجل أن يسمع حديثا، ولِعلمِك جابر من المكثرين عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يعني مسند جابر يعتبر من أكبر المسانيد كمسند العبادلة الأربعة ومسند عائشة، وأبي هريرة، فهذه المسانيد الكثيرة رووا أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان جابر أحد المفتين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك سمع أن فلانا بمصر عنده حديث، لعله يتعلق بحكم شرعي، أو يتعلق بحلال وحرام، أراد أن يعلمه جابر فابْتاع بعيرا وسار شهرا كاملا ثلاثين يوما إلى رجل لأجل حديث واحد، فهذه رحلة الصحابة، وعندنا رحلة أبي ذر رضي الله عنه ورحلات أخري.
▪️ وأرى أنه لزاما علينا أن نتكلم عن رحلة أهل العلم تحفيزا لطلبة العلم على تحمل المشاق في سبيل طلب العلم الذي هو كلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
✍الشيخ #أبو_إسحاق_الحويني حفظه الله
▪️ وأرى أنه لزاما علينا أن نتكلم عن رحلة أهل العلم تحفيزا لطلبة العلم على تحمل المشاق في سبيل طلب العلم الذي هو كلام الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم.
✍الشيخ #أبو_إسحاق_الحويني حفظه الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق