الجمعة، 19 يوليو 2019

منار السُودة ...

كلمات
منار السُودة ...
هذه هي الكلمة التي كانوا يطلقونها عليّ في المدرسة الإبتدائية كنت في الصف الأول لا أنتبه ثم أصبحت أتضايق ...
اسمي منار ، عمري الآن 25 ﻋﺎمًا ،
أبي كان دومًا مسافر و أمي كانت من ترعاني أنا و إخواتي ..
المشكلة كانت تكمن في أنَّ ( نسمة و نور ) كانو بيض مثل أمي .. و أنا فقط سمراء مثل أبي !
أمي نفسها كنت أشعر أنها غير سعيدة بشكلي !
لطالما سمعت تعليقات جارحة ( أنتِ ليه مش حلوة زي أخواتك ؟ )
كنت أبكي .... سرًا ...
شعري منكوش ...
أسأل نفسي :
( ليه أنا بالذات الوِحشة البشعة ؟! )
الغريب أنني كلما سألت نفسي كلما ازددت وحاشة و قبحًا !
ليس لي أصحاب من كثرة ما أنجرحت .....
أصبحت أحب مضايقة البنات و أخذ أشيائهنَّ .. و أقرصهنّ !!!
كل فترة إدارة مدرستي تستدعي أمي ( منار بنتك غير مؤدبة )
أمي لم تعرف إلا الضرب ،
مرة و هي تضربني قالت :
( هو أنتِ مفيش حاجة فيكِ عِدله خالص ؟ طالعه لَهُ ؟ )😡
هي تقصد أني مثل أبي !!!
أرضاني أن أصبح المشاغبة اﻷولى في المدرسة ،
أحسست بأن لي بعض الأهمية و الشهرة و إن كانت بالخطأ ...
لا أحد يحبني .. الإخصائية الجديدة أستاذة ( مني ) تحاول أن تتحدث معي ....
كل أخصائية تحاول علاجي يستفزني هذا أكثر و أكثر ، أنا مش مريضة و لا مجنونة ،
لا أحب الكلام معهم .....
لماذا أنا موجودة ؟ أنا وِحشة مُش حِلوة و عمري ما هتجوز كما يقولون ،
أكره أخوتي لأنهم حلوين ....
( منار )
هكذا ناداني كابتن جمعة
مدرب السلة العجوز ....
أعرفه شكلًا .....
( نعم يا كابتن " ببرود " )😕
رديت برخامة كالعادة ....
- كان سني 10 سنوات -
قال لي : مالِك ؟
😨 مالي ؟!
عُـمر ما حد سالني مَالِي ؟
أنا مهملة دومًا ....
رديت : ( مفيش )
قال ؛ ( طيب ليه عامله كدا ؟😕 )
قلت برخامة : ( أنا شكلي كدا )
قال مبتسمًا بلا غضب :
( إنتِ زعلانة أوي ليه ؟؟؟ )
نظرت إليه..
أخيرًا حد عرف إني زعلانة ؟!
قلت له :
( و ليه ما أزعلش محدش بيحبني )
قال بطيبة و هو يقدم لي بسكوتة :
( شعور صعب يا منار إنك تحسيه )
بكيت بحرقة ...
قال بتعاطف :
( أد كده متضايقة يا بنتي و شايله جواكي ؟! )
أسرعت بالإبتعاد .. و سقط مني البسكويت ...
في اليوم التالي للتمرين لم أذهب .. و أمي لم تهتم كالعادة ...
لكن بعد ذلك ذهبت ..
سألت كابتن جمعة :
( ليه كل الناس بيكرهوا سماري ؟
أنا إيه ذنبي ؟!!! )
لم أرى كصفاء وجهه و هو يقول :
{ وَ جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }
قال لي ( الناس امتحان لبعض )
كل واحد بيضايق التاني في حاجة ، عندي إصابة في ذراعي من سنين بسببها تركت لعب السلة ، الناس برضه بيعلقوا عليها )
قلت :
( ليه أنا سودة و أخواتي بيض ؟)
قال :
( ده اختلاف بين الناس ربنا قسمه ، بس إنتِ لو رضيتي هتكوني رائعة جدًا )
( أرضى إزاي و الناس بتتريق عليا و بتسخر مني )
قال : ( الناس بتتريق على حاجات كتير .. بس مادام أنا عارف إني مش غلطان أجمد و أقْوَى و لا يهمني حد )
قلت له : ( أنا بالعكس بقيت بكره كل حاجة يا كابتن )
قال : ( و ليه متحبيش الحاجات ؟ )
أنتِ كده كده عايشة ، عيشي صح .. حتى مع التريقة و السخرية و الإستهزاء .... التريقة غلطتهم هُمَّا مش غلطتك إنتِ ... خليهم يقولوا ياريتنا زي ( منار )
بكيت بقلب مكلوم و ابتعدت ...
( ياريتنا زي منار )
ممكن حد يقول كده ؟
أنا فاشلة دراسيًا .. مكروهة في البيت و المدرسة !!!
لكن و أنا ماشية شفت ( مقلب قمامة ) العمال بينظفوه .. بعد كم يوم صار جنينة و حديقة مشهورة !!!!
ممكن نتغير ؟!!
بس بشرتي مش هتتغير ،
البشرة مش كل شيء ،
البشرة شيء من الأشياء بس ...
بدأت .....
أذاكر .....
أصلي ...
أدعي ربنا بإلحاح ...
بطلت رخامة ،
و التزمت الصمت أكثر من الكلام ،
لكن البنات مبطلوش تريقة
( يا عيني على الإجتهاد !!! )
لم أهتم ؛ ففي ذهني كلمة عم جمعة : ( بكره تقولوا ياريتنا زي منار ) .
ماما ملاحظة و لا تُعلِّـق ...
طلعت التالتة ...
المدرسة كرمتني ....
بعد شهر قالت ماما لنور : شايفة منار ملتزمة إزاي في الصلاة و وشها منوَّر ؟
ذهبت لعم جمعة ....
كان شكلي فرحان ،
قال : كملي ،
أصبحت دايمًا من الأوائل ،
و من المصلين و الحمد لله ...
مرَّة قبَّلت يد ماما ...
تحجبت في الإعدادي ...
تعليقات الناس زي ما هي على سماري بس خلاص جِمدت و بقيت قوية ...
عم جمعة يشاور لي مشجعًا ...
كررت تقبيل يد ماما ...
أشعر أنها راضية رغم سوء علاقتي بها سابقًا .
حاسة إني أحلويت !!!
أعطف على الأطفال ..
عم جمعة مريض جدًا ...
ذهبت مع ماما لزيارته ...
دعا لي .. و دعيت له ..
عم جمعة أتحسن و خرج بس بطل يروح النادي ...
أنا و أمي حريصين على زيارة زوجته و السؤال عليه ...
بعد الثانوية كانت كلية الطب ...
أخبرت عم جمعة ...
قال لي : إنتِ أدها يا منار و بإذن الله نشوفك دكتورة كبيرة ...
ماما فخورة جدًا بيا ...
في أولى طب مات عم جمعة ...
بكيت عليه زي الأطفال ، كأنِّي فقدت والدي ، صليت عليه الجنازة و دعوت كثيرًا له من كل قلبي ...
اللهم اعف عنه و وسع عليه و ثبته بالقول الثابت ...
دعيت له كثيرًا ...
أقسم بالله إني أدعو له يوميًا و أخرج كل يوم صدقة له ...
و أتعاهد زيارة قبره و زيارة زوجته ...
عم جمعة مخلفش ... لكن وقف جنبي زي بنته عشان أعيش ...
هو مات و لكن ربنا جعله سبب عشان يحيني ،
كان ممكن أكون كتلة سودااا
اتعرفت على ( مدحت ) في رابعة طب ... مدحت أشقر !!!
أمهُ بريطانية مسلمة ،
و أبوه مصري ...
مدحت مُصر عليا و متمسِّك بيا ...
يقول: ناجحة ذكية و متفوقة و محترمة و متدينة و محجبة ...
أنت أهبل ؟ تتجوزني أنا ؟!!
ماما طايرة من الفرحة !
اخواتي مش مصدقين !!!
كنت بضحك من قلبي ...
اتخطبت عادي و اتجوزت ...
و سافرت بريطانيا مع زوجي و خدت الجنسية الإنجليزية و بقيت طبيبة في مستشفى في لندن ،
و مش ناسية أبدًا عم جمعة الله يرحمه لما ناداني و أنا عمري 10 سنين ...
بدعيله .. و بتصدق عنه .. و حكيت لمدحت عليه ...
أنا و مدحت بنسمي أي شخص إيجابي يبني و لا يهدم ( عم جمعة ) .
بأقول لكل الزعلانين من سمارهم......كل شيء من ربنا حلو و هو ابتلاء ...
البياض و السمار .....الحلاوة و الوحاشة .... المهم أكون راضي
ساعتها ربنا هيرضيني ...
الله يرحمك ( يا عم جمعة ) برحمته ، زي ما رحمتني و أنا طفلة ضايعة و قلب أسود ..
الله يرحمك و يرحم كل ( عم جمعة ) يبني و لا يهدم النفوس ...
نفسي كل إلي يقرأها يفكر إزاي يكون هو ( عم جمعة ) و يخلف عيال زي ( عم جمعة )
مش بس إزاي يلقى ( عم جمعة )
صدق الله القائل : ( و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ).
*منقول بحب ♥️...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق